ـ كتب : أمين درهم
 
الفنان محمد عبده زيدي من المطربين المتميزين في سماء الأغنية اليمنية، الفنان الرومانسي تسمعه تحلق مع عذوبة صوته وجمال أدائه وعذوبة الكلمات التي يختارها ليغنيها ، ومعروف عنه اهتمامه الكبير بألحان أغانيه والتي عندما تسمعها تجدها تناسب خامته الصوتية.. فكثير من المحبين كانوا ومازالوا معجبين بفنه الرائع والجميل.
وقبل أن أكتب ما أعرفه عنه سأسلط الضوء على بعض المعلومات عن سيرة حياته وهي مختصرة كالتالي:
وُلد الفنان الراحل محمد بن محمد عبده زيدي في 6 فبراير 1944م بمدينة الحوطة محافظة لحج، غير أنّه لوفاة والده أنتقل مع أمه وأخته إلى مدينة عدن، حيث عاش في «كريتر» في (حافة القاضي) والتحق سنة 1955م بمدرسة (بازرعة)، وتعلّم فيها مرحلة الدراسة الابتدائية ومنها كانت انطلاقته نحو عالم الموسيقى والغُناء والطرب، فمن خلال قسم الموسيقى بمدرسة «بازرعة» أستطاع محمد أن يرسم أحلامه الفنية والموسيقية، ويبني عليها أحلامه المستقبلية، ومنذ أول نظرة لهذا القسم الموسيقي المتخصص بآلات النفخ الموسيقية قرر الالتحاق وهنا وجد من الرعاية والاهتمام من قبل الأساتذة الموسيقيين والذين كان على رأسهم الفنان الراحل يحيى مكي والموسيقار الراحل أحمد بن أحمد قاسم، وفي هذا القسم الموسيقي وتحت رعاية الأساتذة الموسيقيين استطاع محمد أن يتعلم وبمهارة فائقة العزف على آلات النفخ الموسيقية المختلفة.
ولم يقف طموحه عند حدود التعلم على آلات النفخ الموسيقية بل أستطاع وخلال فترة وجيزة وبمساعدة من أساتذته أن يتحول من تلميذ وعازف إلى قائدٍ لفرقة المدرسة الموسيقية لإحياء مختلف الحفلات الفنية الترفيهية منها والدينية، والتي كانت واحدةً منها قيادته للفرقة ومشاركته - عزفًا - الموسيقار الراحل أحمد بن أحمد قاسم إبان زيارة الموسيقار فريد الأطرش لعدن عام 1956م، ويُذكر أنّ الموسيقار الراحل فريد الأطرش أبدى إعجابه بعزف الزيدي على آلة الكمان.
في عام 1964م غادر الفنان محمد عبده زيدي عدن متوجهًا إلى القاهرة لغرض دراسته في علم الاتصالات السلكية واللاسلكية والتي على ضوئها حصل على أول شهادة (دبلوم عالٍ) بدرجة امتياز من معهد اللاسلكي للراديو والتلفزيون بالقاهرة، وإلى جانب اهتمامه بدراسته العلمية، استطاع محمد أن يستغل وجوده في عاصمة العرب لإشباع عطشه ولينهل من علوم الموسيقى من قبل أساطين الموسيقى المصرية كالموسيقار القصبجي والموسيقار محمد الموجي والموسيقار رياض السنباطي وغيرهم من الأساتذة المصريين الذين وجدوا فيه موهبة غنائية وقدرة كبيرة في التلحين، الأمر الذي دفع به لأول مرة إلى خوض تجربة التلحين بأغنية (أيام تمُر وتدور) للشاعر محمد عبد الله بامطرف والتي أستقبلها الناس استقبالاً طيبًا وكانت أولى الخطوات لبناء شخصيته الفنية المستقلة.
ثم أنطلق بعد ذلك في تلحين أغانيه والتي أشتهر وعرف بها كأغاني (أغلى حب)، (فقدان لك)، (السعادة) وأغنية (لا تتعب نفسك) للشاعر الراحل لطفي جعفر أمان وغيرها من الأغاني الناجحة التي أشتهر بها.
لم يقف طموح محمد عند نشر أغانيه على مستوى الساحة الفنية اليمنية فقط، بل قام بنشرها خارج حدود اليمن واستطاع أن يوصلها إلى أذن المستمع العربي في مصرَ والعراق والكويت ولبنان وفي العديد من البلدان العربية والأفريقية.
كما مثل الأغنية اليمنية في مؤتمرات خارجية في كل من الجزائر وعُمان والقاهرة وقطر وكوريا الشمالية.
شغل محمد عبده زيدي الفنان المرهف الإحساس أول وظيفة في حياته مهندسًا لاسلكيًا في خطوط عدن الجوية (باسكو) ثم انتقل إلى الإذاعة وعمل فيها مهندسًا للصوت، ثمّ مخرجًا ومشرفًا عامًا للموسيقى، كما ترأس دائرة الموسيقى في الإذاعة والتلفزيون ومديرًا لدائرة الفنون بوزارة الثقافة قبل الوحدة، وكان قبل ذلك قد قام عقب افتتاح التلفزيون عام 1964م بإخراج برنامج (جنّة الألحان) وبرامج أخرى.
وكانت آخر وظيفة شغلها مستشارًا بوزارة الثقافة (فرع عدن).
ومن هوايات الزيدي ولعه وشغفه ومتابعاته للرياضة وخصوصًا كرة القدم، وكان من المشجعين الرئيسيين لنادي الشباب الرياضي ونادي التلال الرياضي بعد دمجه.
ومن شدة ارتباطه بمعشوقة الملايين كان يرافق في بعض الأحايين المنتخب الوطني في مشاركاته الخارجية، ورغم أنّ ذلك كان يثقل عليه ماليًا؛ إلا أنّه كان يشعر براحة وهو يرافق المنتخب.
ومن الشخصيات الرياضية التي كانت مقربة جدًا من الزيدي صديقه الوفي د . عزام خليفة.
كما كُرِّم الزيدي من قبل مجلس إدارة نادي التلال الرياضي ومنحوه البطاقة الفخرية لعضوية النادي.
كما حاز الزيدي على العديد من الشهادات التقديرية والأوسمة لإسهاماته الفاعلة ولإذكاء الروح الوطنية بين صفوف أبناء الشعب، كما غنى للحب والأرض وأنشد للاستقلال والوحدة.
توفي الفنان محمد عبده زيدي في 26/12/1993م بعد مرض عُضال ألمّ به وأقعده عن ممارسة نشاطه الإبداعي الخلاق لأكثر من أربع سنوات.
عرفته عندما كنت مسؤولاً على مسرح البادري بعدن الذي كان يقيم بعض حفلاته على هذا المسرح، كان فنانا مبدعا وخلوقا وله جمهور واسع كان يشارك باحتفالات أعياد ثورة سبتمبر وكنت اتلقى به بجلسات طربية مع بعض محبي الفن والثقافة.
 

حول الموقع

البيت اليمني للموسيقى والفنون منظمة مجتمع مدني تُعنى بالموسيقى والفنون.