كتب: عبد الباري طاهر
 
كتابان صدرا أخيراً، هما: «حافة إسحاق» للأستاذ عبد الرحمن بجاش، والآخر «الحمامات البخارية في مدينة صنعاء القديمة» للدكتورة المهندسة آلاء أحمد الأصبحي. الكتاب الأخير دراسة أثنوغرافية – معمارية – تاريخية. يشتمل الكتاب على مقدمة وستة أبواب في 216 صفحة من القطع المتوسط. تكرس المقدمة للإشارة إلى قدم الحمامات وازدهارها في العصور الإسلامية العام منها والخاص، خصوصاً في العهود العثمانية التي اشتهرت بحماماتها البخارية. حرصت الدكتورة المهندسة على عملية البحث في بناء وتصميم وانتشار الحمامات البخارية في مدينة صنعاء القديمة؛ لتضع بين يدي القارئ العربي كتاباً متخصصاً في المجال الفني والمعماري والأثري والتاريخي.
الكتاب المنوه به يوثق رسماً ووصفاً، مقرونا بما توفر من معلومات توثيقية، منوهاً بالاستحداثات غير الضرورية الدخيلة على الحمامات، منوها بالاستثمار السياحي لمهنة مهددة بالضياع، مؤكداً على ضرورة استعادة الطقوس الاجتماعية.
تأتي المقدمة على الدراسات السابقة التي قام بها باحثون أجانب كسرجنت ولويكوك، وكتاب «أسس التصميم المعماري والتخطيط الحضري في العصور الإسلامية المختلفة»، ويتناول أربعة حمامات فقط، وتتناول الكتابات في المراجع التاريخية في عصور مختلفة. الكتاب دراسة علمية بحثية توثيقية ميدانية، وهي ثمرة جهد فريق هندسي جاد ومجتهد، وقد واجه الفريق صعوبات جمة من عدم التمكين من الاطلاع على العديد من الوثائق، وطبيعة الوقفيات.
يقرأ الكتاب في (الباب الأول) نشأة الحمامات البخارية، والبعد الإنساني لأهمية الماء، ومدى ارتباط الحياة به، والطقوس العبادية والديانية، والتطهر والتعميد، وعلاقة الماء بسباحة الطفل في بطن أمه، وعلاقة الماء بالحياة والاعتقاد قديمة قدم الحياة. (وكان عرشه على الماء). [الآية].
يذكر ارتباط الحمامات بالحضارات اليمنية القديمة، ووجود آثار وشواهد تؤكد ذلك، ذاكراً أقدم مدينة، وهي صنعاء- أزال- تاريخياً، ويأتي على حمامات اليهود وطقوسهم العبادية، ويدرس المفردة (حمام) لغوياً، ويتناول (الباب الثاني) دور الحمامات في صنعاء في احتفالات الزواج والولادة والأعياد والمناسبات الدينية، وهو ما تتميز به الحمامات في صنعاء، ويتناول بالتفصيل ويأتي على طقوس الاستحمام للعريس والعروسة والزفة بعد ذلك، مشيراً إلى الدور الاقتصادي والصحي التجميلي، والفوائد المترتبة، والدور البيئي والثقافي، وآداب الحمام، وفقه الحمام.
الكتاب المزدان بالصور وبالنزول الميداني والتوثيق من القائمين على هذه الحمامات يشمل التوثيق والتحقيق لعشرة حمامات.
المبحث الجديد وغير المسبوق فيما قرأت يتناول منجزاً حضارياً وإرثاً تاريخياً مائزاً غاب عن جهد وأذهان باحثينا لأزمان وأزمان.
يحتاج البحث العلمي المائز إلى أكثر من قراءة؛ فتحية للباحثة الرائعة الدكتورة المهندسة آلاء الأصبحي، وتحية لفريقها البحثي الذي قام بمهمة بحثية ميدانية غير مسبوقة
 

 

حول الموقع

البيت اليمني للموسيقى والفنون منظمة مجتمع مدني تُعنى بالموسيقى والفنون.