ـ كتب: أمين درهم 
 
أواصل مع أصدقائي في حائط الفيس بوك التعريف بنوابغ الموسيقى اليمنية وهذا الأسبوع سيكون ضيفنا الموسيقار المبدع ومعلم الموسيقى في المدارس والمعاهد وملحن أغلب الأغاني اليمنية الجميلة ومكتشف الكثير من المطربين الذين أصبحوا فيما بعد علامات موسيقية بشار لها بالبنان.
الموسيقار محمد مكي تبنى الخامات الفنية التي أخذت موقعها في جمال الإبداع، ومنهم: أحمد بن أحمد قاسم، ومحمد عبده سعد، ومحمد صالح همشري، ومحمد سعيد سنعر، وأحمد ناجي قاسم، ومحمد عبده زيدي، ونديم عوض.. وغيرهم، وهو يعتبر أن أستاذه «يحيى مكي» أستاذ الجيل لأن جيلاً من الموسيقيين والفنانين تربوا على يديه.
والأستاذ «مكي» لعب دوراً كبيراً في وضع منهج المعهد في مادتي (الصولنج) والنظريات الموسيقية، وكان من الرواد الذين أسسوا دعائم المعهد جنباً إلى جنب مع الأستاذ الموسيقار جميل غانـم – حمه الله – مؤسس المعهد ومديره العام. 
وإن التحاق «يحيى مكي» بالتربية والتعليم بأنه أسهم كثيراً في الأنشطة الفنية للمدارس وتأسيس الفرق الموسيقية للأطفال حينها. 
يحيى محمد مكي: من مواليد كريتر (عدن) في 5 أكتوبر 1930م في أسرةٍ مستورة الحال، وقد ورد في الكتيب المكرس لتكريـمه الذي أصدرته اللجنة المكلفة بتكريـمه من المجلس الثقافي لأندية محافظة عدن وذلك في اللقاء الذي أجراه معه الأستاذ الراحل محمد حمود أحمد (الصفحات 70 – 80): أنا من مواليد عام 1930م وكانت بدايتي مع مدرسة بازرعة التي درست فيها مراحل الدراسة الأولى، وتكوَّنت لدي ميوله موسيقية منذ الـصبا الباكر..
وتحدث راحلنا الكبير «يحيى مكي» عن التعليم كقيمة كبيرة في ذلك العصر رغم صعوبة ظروف الأسرة؛ ولكنه وجد نفسه مكافحاً من أجل الفن الذي ظهر عنده كموهبة فهو (أي الفن) كما قال: يحتاج إلى جانب الموهبة والرغبة إلى الاطلاع والتعلم على أصول الموسيقى والعزف على الآلات الموسيقية.
قال راحلنا الكبير «يحيى مكي»: إن علي اليتيم هو أول من شجعني واحتضنني والذي شجعه على احتضاني هو عزفي الجيد على (النرومبيت)، وهي أول آلة بدأت العزف عليها، وهي من الآلات الأساسية للموسيقى العسكرية، وهذا النبأ هو ما جعلني ارتبط فترةً طويلة بالموسيقى العسكرية
وأول لحن كان لي ومن تأليفي موسيقياً هو (الحنين إلى الماضي) من كلمات الأستاذ المرحوم عوض عمر شـمَّاخ، وهو من حضرموت، وكان مُقيماً في عدن، وفي تلك الفترة تعرَّفت على هذا الشاعر؛ فقد كان اختلاطي (بالحضارم) سائداً أكثر في تلك الفترة، وقد سجلت هذه الأغنية لحناً وأداءً بصوتي، ثم غنَّاها فيما بعد الفنان محمد سعد عبد الله، واقتطع منها:
أناديك بالعهد لا تهجري
وبالحب يا إِلفي لا تكفري
وهتني جروح النوى انظري
جفاني الكرى وضناني الحنين
كفى ما ألاقيه أما ترحمين؟ 
أما الباحث الموسيقي الأستاذ خالد صوري؛ فقد أسهم بـموضـوع عنوانه (الموسيقار «يحيى مكي» مكي هو مني بـمقام الأستاذ وأنا منه بـمقام التلميذ) شغل الصفحات من (12) إلى (16) من الكتيب المذكور، تناول فيه الأيدي البيضاء للأستاذ «مكي» في تدريس الموسيقى في المدارس، وتأسيس فرقة موسيقية مدرسية في مدرسة بازرعة.
أما شيخ الصحفيين صالح عبده الدَّحان فقال عن الموسيقار «مكي»: صادف تعرفي عليه لأول مرة في أواخر العام 1957 بالبريقة (عدن الصغرى)؛ وذلك أن الأستاذ دحان الذي كان مُدرساً في مدرسة الخساف الابتدائية بكريتر على أيام مديرها الأستاذ حسن علي منيباري – رحمه الله – انتقل إلى مدرسة البريقة الابتدائية الحديثة العهد – آنذاك – طمعاً في المسكن الجميل الذي كانت الحكومة توفره للمنتقل إليها، وأقيم حفل توديع للدَّحان، وذكر من الزملاء في المدرسة الأستاذ خالد صوري صاحب روح النكتة، وإن كنت قد افتقدت زميلاً فناناً هو أحمد قاسم الحمنه؛ إلا أنني وجدت من يُغطي الحلقة المفقودة وهي لقاؤه بالأستاذ الفنان «يحيى مكي»، وقدَّم الفنان نجيب سعيد ثابت شهادته للتاريخ :إن الأستاذ «يحيى مكي» هو أستاذ وموسيقار الأجيال ويعزف على عدة آلات نحاسية، إضافةً إلى عزفه على آلة العود، وأنه تربع على عرش الموسيقى النحاسية، ولم يجرؤ على التنافس معه أيُّ فنان؛ لأنه كان يعلم بخبايا ودهاليز وطبيعة هذه الآلات المعروفة بتنوع مفاتيحها الموسيقية، واختلاف قراءات نوتاتها من غير الآلات الوترية.
وفي سياق لقائه بالكاتِب المتألق محمد حمود أحمد – رحمه الله – أفاد بأن الراحل الكبير «يحيى مكي» اكتشف محمد صالح علي، وأطلق عليه، أسـماً فنياً (الهمشري) ليصبح اسمه محمد صالح همشري، وكانت باكورة أغانيه (خايف أحبك) من ألحانه، وغنَّى له محمد عبده بعد أغنية (أحبك) والأغنيتان المذكورتان كانتا من كلمات الراحل الكبير لطفي جعفر أمان.. كما غنَّى له الفنان أحمد ناجي قاسم من كوادر خطوط عدن الجوية وطيران (باسكو) وطيران (اليمدا) الذي ربطته زمالةٍ فنية بفنانين آخرين هما: أبوبكر فارع، وياسين فارع زملاء لـ(فرقة بازرعة) التي أنشأها الراحل الكبير «يحيى مكي» التي احتضنت مواهب أخرى وأبرزها أحمد بن أحمد قاسم الذي أسس (الفرقة الموسيقية التجديدية)
كرَّم الأستاذ طه أحمد غانـم – محافظ محافظة عدن الأسبق، وأحمد محمد قعطبي – عضو مجلس النواب ورئيس نادي الوحدة الرياضي – القامة الكبرى الأستاذ «يحيى محمد مكي»، الذي أعطى كثيراً ولم يأخذ شيئاً، حتى صدر ذلك القرار المُنصف، ولعب المجلس الثقافي لأندية عدن ورئيسه الأستاذ عبدالله باكداده، وسكرتيره الأستاذ محمد حمود أحمد – رحمه الله – دوراً كبيراً في إعطاء المناسبة حقها حيت أعدَّ برنامجاً يليق بـمكانة الرجل والفنان الكبير «يحيى مكي»، يتكون من عدة فعاليات؛ أولها استضافة الموسيقار «يحيى مكي» في (قناة عدن) يوم السبت 4 سبتمبر 1999م، ثم إقامة ندوة عنه في (منتدى جامعة عدن) مساء الجمعة 3 سبتمبر 1999م، وإصدار كتاب بهذه المناسبة، وإقامة حفل فني وتكريـمي بفندق عدن مساء السبت 11 سبتمبر 1999م..
وحقاً لقد تدارك الأستاذان طه غانـم، وأحمد قعطبي ذلك الفاصل الزمني بين الحياة والموت للرجل الكبير «يحيى محمد مكي» الذي انتقل إلى جوار ربه يوم الخميس الموافق 28 ديسمبر 2000م عن عمرٍ ناهز الـ (70) عاماً
 

حول الموقع

البيت اليمني للموسيقى والفنون منظمة مجتمع مدني تُعنى بالموسيقى والفنون.