ـ كتب : زياد القحم  
فن الغناء وجه وهوية ، في حالاتٍ كثيرة تعرف من سماع اللحن فقط أن هذه الأغنية تنتمي إلى شعب ما، أو إلى وطن ٍ بعينه، وأتحدث هنا عن اللحن فقط، رغم أن بقية مكونات الأغنية تعبر أيضا عن انتمائها. 
وعلى ذلك فالأغنية اليمنية تحمل من دلائل التميز ما يجعلها بالفعل هوية ثقافية لهذا الشعب، لكن إن جاز التعبير سأقول: إنها في الواقع هوية مشلولة!!!
في مرحلة التأسيس لتوثيق الأغنية اليمنية صوتيا كان أغلب من ظهر من الفنانين في تلك الفترة يتميزون بأن الواحد منهم يمثل لوناً مختلفا أو على الأقل أداءً مختلفا عن غيره ممن يؤدي نفس اللون الغنائي (إذا صحت تسمية اللون رغم وجود خلاف حول هذه التسمية).
مرت هذه المرحلة بشكل طبيعي ومشابه لما يحدث في بلدان وشعوب مختلفة.
وفي المرحلة الحالية، مرحلة التسجيلات المتطورة، ووسائط الاتصال العجيبة، وغبار القنوات التي تتكاثر كل يوم، في هذه المرحلة أصبح شعار المشتغلين بالفن الغنائي اليمني: محلك سر!!
الذي يحدث بالضبط أننا نكتشف فور غياب المطرب بالموت أو الاعتزال أن هناك العشرات من مقلديه فقط، دون أن يجتهد أحد منهم لتطوير تجربته، رغم أن ذلك ممكن إما بالدخول إلى أماكن صوتية ولحنية لم يدخلها سابقوه، أو على صعيد البحث عن كلمات مختلفة، وما أكثر من يكتب القصيدة الغنائية من الشعراء بطريقة متفردة، ثم ينصرف عنها نظرا لانصراف الفنانين عنه، وانشغالهم بإعادة إنتاج القديم بطريقة أسوأ مما كان عليه هذا القديم عند من وثقه صوتيا لأول مرة . 
كنا نشكو من سطو بعض جيراننا على بعض أغانينا، ولكن سطوهم ذاك كان يتوجه لأعمال فنانينا الرواد، أما الشباب فلا يوجد في مشهدهم الغنائي ما يغري بالسطو . 
المشهد الغنائي مثل بقية المشاهد الفنية والثقافية عموما يحتاج للمزيد من الصدمات لتحضير روحه من إقامتها في غيبوبة التقليد.. ينتمي إلى هذا المشهد فنانون شباب لديهم القدرة على الإضافة، لكنهم يكتفون بالتدرب على مجموعة أغان لأدائها في المناسبات، ويتحولون إلى حالة الغياب . 
 

حول الموقع

البيت اليمني للموسيقى والفنون منظمة مجتمع مدني تُعنى بالموسيقى والفنون.