ـ كتب : د/نزار غانم 

 
بعد عودته النهائية من دراسته الجامعية ببيروت إلى مسقط رأسه عدن عام 1937م قاد الشاعر العدني محمد عبده غانم نهضة ثقافية وتربوبية وأدبية وموسيقية مشهودة لعشرات السنين. حيث عرف عنه إيمانه بالعمل العام وإعجابه بفكرة الجمعيات الخيرية والأندية الأدبية إذ كان عضوا مميزا في جمعية (العروة الوثقى) في الجامعة الأمريكية ببيروت، ولأنه كان الطالب العدني الوحيد يومئذ في الجامعة كان أحيانا يشارك ضمن مشاركات فريق الطلبة المصريين بالجامعة ، وبالمقابل نأيه بنفسه عن الانخراط في الأحزاب السياسية التي ما لبثت أن أصبحت جزءا من المشهد العام في مستعمرة عدن البريطانية حتى استقلالها عام 1967م لتصبح عاصمة سياسية لجمهورية اليمن الجنوبية الشعبية.  
وفي ظل غياب الدراسة الجامعية في عدن أو إنفاق المستعمر البريطاني عليها كان التاجر السيد عبده غانم قد ابتعث نجله الأكبر محمد عبده غانم على نفقته الخاصة للدراسة بالجامعة الامريكية في بيروت عام 1932م, لكن يشير الأديب العدني أحمد محمد سعيد الأصنج رئيس نادي الاصلاح العربي الإسلامي بحي الشيخ عثمان بمدينة عدن في كتابه (نصيب عدن من الحركة الفكرية ) الصادر بالقاهرة عام 1935م الى أن  محمد عبده غانم بدأ بدراسة الطب في بيروت وهذا صحيح , و لكن الذي حدث هو أن أباه عبده غانم تحفظ على دراسة نجله للطب لأن هذا كان يعني أنه سيفارقه لسبع سنوات، وهو ما لا يطيقه كأب متعلق بابنه البكر . وتحول محمد عبده غانم إلى دراسة الآداب حيث نال البكلاريوس مع مرتبة الشرف الأولى عام 1936م ثم عزز ذلك بدراسة دبلوم تربية عام 1937م ليقفل راجعا إلى عدن ويكون في ذلك الوقت أول خريج جامعي في شبه جزيرة العرب برمتها. وهناك بعض اليمنيين الذين ولدوا أو عاشوا جل أعمارهم في الهند ولم يتلقوا أي من مراحل دراستهم الجامعية في عدن أو باقي اليمن لكنهم وصلوا بدراستهم في الهند إلى الدرجات الجامعية كالبكلاريوس بل والدكتوراة قبل هذا التاريخ الذي نحن بصدده أي 1936م , إلا أن المقارنة لا تصح إذا كنا نتكلم عن أول يمني يتمرحل في مراحل الدراسة ما قبل الجامعية في اليمن ويعد من هناك لشهادة كامبريدج التي يمكن بموجبها أن يقبل في جامعة كالجامعة الأمريكية ببيروت وبالفعل ينجح في اجتياز الشهادة ومن ثم في المرور بسنوات الدراسة الجامعية مع الإبقاء على الصلة الأسرية المباشرة بالمنطقة التي قدم منها ثم يعود ليقدم خدماته لمجتمعه .
إن مثل هذا التسلسل لا ينطبق مثلا على العلامة فيض الله الهمداني وعلى البروفسور سيف الدين بن حسين القعيطي بل هما أول من تخرج جامعيا من أبناء الجالية اليمنية في الهند .
وعند عودته لعدن كان الشاعر والأمير اللحجي أحمد فضل بن علي العبدلي الشهير بالقمندان شخصية شهيرة من كل المناحي ، ورجلا يحمل مشروعا تطويريا اقتصاديا وثقافيا للحج يرتكز على إحداث نهضة موسيقية تعكس خصوصية الحضور اللحجي في فنون الإطراب والأداء، وهي النهضة التي  لم يبخل على مدها بأزجال أغانيه الساحرة و ألحانه المبنية على الموروث اللحجي الحركي من حيث توظيف فلكلور الرقصات الشعبية لسلطنة لحج تلك المنطقة الزراعية المجاورة لعدن والتي تتمدد رقصاتها داخل عدن نفسها التي سلخها المستعمر البريطاني عن سلطة العبادل وسلطنتهم اللحجية عام 1839م ، والقمندان أيضا هيأ أمورا إدارية كثيرة من أجل قيام النهضة الموسيقية اللحجية حتى قبيل وفاته عام 1943م، حيث بدأت صحته في الاعتلال وأصبح غير قادر على ضخ نفس ذلك الحماس والإلهام للمشتغلين بمشروعه في سلطنة لحج ، ولعل هذا الإنجاز في حياة القمندان كباعث اللون اللحجي في الغناء في ذلك القطر العربي هو شيء مما حاول محمد عبده غانم محاكاته في بعثه للغناء العدني باعتباره إضافة مغايرة للأغاني التراثية التقليدية الشائعة في المدن اليمنية بما فيها عدن نفسها حاضنة الغناء الصنعاني خلال محاربة أئمة الزيدية في صنعاء المملكة المتوكلية اليمنية للطرب .  
و بين أيدينا قصائد فصيحة منشورة في أربعينيات القرن العشرين للشاعر محمد عبده غانم تعكس افتتانه بالشاعر والفنان الشامل القمندان نستشف منها بوضوح المكانة التي يرسمها غانم للقمندان في فترة تعارفهما وصداقتهما التي امتدت على الأغلب للفترة 1937م و 1943م ، وقد ساعد على لقائهم جغرافيا في تلك الفترة كثرة تردد القمندان على التجمعات الأدبية في مدينة عدن المجاورة لمستقره بمدينة الحوطة بسلطنة لحج التي كان وضعها السياسي وضع المحمية، وليس المستعمرة البريطانية فهي من الناحية النظرية أكثر استقلالا بقرارها عن عدن وقد كان الوضع السياسي للقمندان في السلطنة هو رئاسته للجيش ومن هنا جاء هذا اللقب العسكري الإنجليزي الذي صحف إلى قمندان ، والأمير القمندان كان شقيق سلطان لحج عبدالكريم بن فضل العبدلي.
 
ـ القصيدة الأولى :
عنوان القصيدة ( إلى سمو الأمير الكريم) ، وقد نشرت في العدد 5 بتاريخ 28 يناير 1940م بالصحيفة العربية الوحيدة يومئذ في عدن وهي ( فتاة الجزيرة) لصاحبها محمد علي لقمان المحامي رئيس نادي الإصلاح العربي الاسلامي بمنطقة كريتر بمدينة عدن، والذي كان محمد عبده غانم متزوجا من كبرى بناته ، ويذكر أن (فتاة الجزيرة) كانت قد رأت النور لأول مرة في نفس ذلك الشهر من عام 1940م :-
وأمير لم يكفه كل ما حاز من المجد والثراء العريض
فانبرى ينظم اللذيذ من الألحان يحيي بها ليالي (الغريض)
يرسل النغم صافيا في بهيم الليل من روضه الأريض
فإذا بالأثير يهتز كالنشوان من لحنه الشجي الغريض
طرب يملأ الصدور إذا ما رن بالانشراح بعد الجريض
و هو للبائسين خير عزاء ودواء لذي الفؤاد المريض
إن في النغم ما يعيد ضجيع اللحد حيا ويرتقي بالحريض
فاحي عهد (المأمون ) يا (أحمد)  بن الفضل بالعلم والغناء والقريض
----------
و هناك منعطف إنساني مهم مرت به هذه العلاقة بين الرجلين حينما اضطرت عدد من الأسر العدنية إلى النزوح من عدن إلى سلطنة لحج خوفا من قنابل الطائرات الايطالية التي قدمت من المستعمرات الإيطالية في الحبشة لقصف ثكنات الجيش الإنجليزي في عدن  خلال الحرب العالمية الثانية  في 1940م ؛ ففي تلك الظروف قام القمندان باستضافة الشاعر غانم وأسرته في إحدى الدور التي يملكها في مدينة الحوطة عاصمة لحج وهناك ولد لغانم ابنه الثاني شهاب عام 1940م .
-------------
ـ القصيدة الثانية : 
أما القصيدة الثانية و عنوانها ( في الحسيني ) فقد أصبحت أغنية تغنى في مجالس القمندان الطربية بلحج على لحن لحجي فلكلوري يسمى ( سال الإحسان) اختاره القمندان لتخته من العازفين في حضور الشاعر غانم والشاعر الملحن اللحجي وقريب القمندان الأمير عبده عبدالكريم والأديب اللحجي وجليس القمندان فضل عوزر الذي يلمح إلى تلك العلاقة في خواطر له بثها للجمهور في أول مهرجان يقام عن القمندان في اليمن الديمراطي ، وذلك عام 1988م معتبرا إدلاء غانم بشهادته التاريخية عن القمندان مكسبا للمهرجان ولم يكن غانم من المدعوين يومئذ ..
 أما  الإحسان هذا فهو جدول ماء رقراق حرص القمندان على أن يغذي مزرعته النموذجية الشهيرة ب ( الحسيني) ، وموضوع القصيدة هو  الشكر من الشاعر غانم لصديقه القمندان على حسن استقباله له و لأسرته خلال هروبه من عدن إلى لحج والذي تقدم ذكره لذا  فتاريخ نشر القصيدة في صحيفة ( فتاة الجزيرة) هو العدد 25 بتاريخ 16 يونيو  1940م ،  وبما أن صحيفة فتاة الجزيرة لصاحبها محمد علي لقمان المحامي كانت قد صدرت أولى أعدادها يوم أول يناير 1940م ، وهي أول صحيفة أهلية عربية تصدر بعدن فقد وجد غانم أنه من المناسب أن ينشر قصيدة الشكر تلك على صفحات فتاة الجزيرة ليتجاوز شكره الفردي للقمندان إلى شكر العدنيين المنكوبين العام لأهلهم في لحج و هذه بعض أبيات القصيدة :-
قد لقينا في لحج أهلا و سهلا و غدونا بحسنها نتملى
في الحسيني بلبل يتغنى فوق غصن من الغصون تدلى
و الحسيني بالجداول قد مال و ألقت أشجاره فيه ظلا
آن يا لحج أن تتيهي بروض إن يزره أخو الهموم تسلى
و بسلطانك الكريم الذي اسدى لدى الشدة العظيمة فضلا
أظهر اللطف للنزيل و أوصى أن يلاقي لديه أهلا و سهلا
بيد أنا و قد عرفناه ملكا عبدليا قد طاب فرعا و أصلا
و ما يعزز تخميني هذا أن الشاعر اللحجي مسرور مبروك أحد جلساء القمندان قد نشر ردا على تلك القصيدة في العدد 27 بتاريخ 30 يونيو 1940م من صحيفة (فتاة الجزيرة ) وقد بدأ رسالته إلى مدير تحرير (فتاة الجزيرة) الصحفي خالد علي لقمان قائلا : 
(سيدي مدير تحرير فتاة الجزيرة الغراء المحترم :اطلعت على العدد 25 وما كدت أرى قصيدة (في الحسيني) للشاعر الفحل (صدى صيرة) الفاضل العدني حتى حفزني دواعي الوطن المضياف الكريم إلى جوابه ورد تحيته بأحسن منها أو بمثلها بمايلي .... . ينبغي هنا أن نذكر أن الشاعر محمد عبده غانم كان له لقب أدبي هو (صدى صيرة ) :
يوم أطل محجلا بساما أد التجلة فيه و الإعظاما
احمل إلى عدن تحية شاعر  و اقري الضيوف تحية و سلاما
لحج العريق وفاؤها حفظت لكم عهدا على طول المدى و ذماما
يا أيها العدني قدمت مكرما ما فيك إلا نابغون عظاما
-----------
       أما النص الشعري الثالث لغانم عن القمندان فهو أيضا منشور في صحيفة (فتاة الجزيرة) العدنية العدد 30 بتاريخ 21 يوليو 1940م ، وبالتالي فليس بينه وبين نشر القصيدة الثانية إلا قرابة شهر من الزمان ، ويحمل النص فرحة الشاعر غانم بعودة الشاعر القمندان من سفر له في الخارج .
القصيدة الثالثة :   
 لم أعثر من النص الشعري نفسه إلا على قول غانم :-
قم فهنيء لحجا بمن قد أتاها
بعد طول الغياب جاء فتاها
إن يكن أحمد الفضائل في لحج
فقد طاب صيفها و شتاها
لكن غانم قدم للقصيدة بقوله : ( عاد السلطان أحمد فضل بن علي العبدلي إلى لحج بعد غياب في الهند طال على محبيه وعارفي فضله . فقد كانوا يتنسمون أخباره ليل نهار ولاسيما أصدقاؤه العدنيون النازلون في لحج الآن لأنهم شعروا بالفراغ الذي أحدثه غيابه عن لحج في مجتمعاتها الراقية والذي يعرف ما انطوى عليه هذا السلطان من اللطف العظيم والأدب الجم والفكر الثاقب والمنطق العذب لا ينكر على فريق الأدباء استيحاشهم من غيابه في الهند ولاسيما في مثل هذه الظروف والحمد لله على عودته سالما ، وقد جلب السلطان معه طائفة من الغراس ليغرسها في بستانه الجميل المترامي الأطراف و ذلك البستان الذي يمتاز عن غيره من البساتين في لحج واليمن بأنه يحتوي على عدد كبير من الأشجار الغريبة العجيبة التي تحمل الثمار الشهية اللذيذة التي كثيرا ما يقع ذكرها في قصائد السلطان الغنائية الشعبية .........) ، و يستطرد غانم في الحديث عن الانجاز الزراعي والجمالي معا للقمندان عن مشروعه الأنموذج ( بستان الحسيني) ، ونثر غانم هنا سلس كما أن غانما قلما نجد له مثل هذا الوصف الشاعري دون أن يقوله شعرا  فهو شاعر أكثر منه ناثر لكننا اختصرنا الحديث لضيق المساحة .  
ـ القصيدة الرابعة : 
 من الملاحظ أن هذا النص الشعري هو الوحيد الذي حرص الشاعر غانم على نشره في أي من دواوينه المطبوعة داخل عدن أو خارجها ، وهذا لا يعني بالضرورة أن غانما لم ينشره أيضا في صحيفة (فتاة الجزيرة) لكنني لم أقف عليها هناك فقد نشرت هذه القصيدة بعنوان (السنى الخاطف ) في ديوان ( موج و صخر   ) للشاعر محمد عبده غانم الصادر بالقاهرة عام 1962م ، وقد ورد في الهامش أن القصيدة قيلت في تكريم شاعر لحج السلطان أحمد فضل العبدلي ، ومن معلوماتي الخاصة أن غانم قد رتب حفلا تكريميا للقمندان بعد زوال الخطر الحربي عن عدن وعودة سكانها إليها من لحج، وذلك في مقر نادي الإصلاح العربي الإسلامي في منطقة التواهي بمدينة عدن ، وكان هذا النادي يرأسه والد الشاعر غانم وهو السيد عبده غانم الذي كان أيضا عضوا في المجلس التشريعي ، وكان محمد عبده غانم أمين مالية النادي كما أنشأ فيه حلقة أدبية اسمها (حلقة شوقي) لها أنشطتها ، ونجد فيما بعد أن هذا النادي وبدفع من الشاعر غانم يقيم ليالي شعرية تكريمية لشعراء آخرين منهم القاضي محمد محمود الزبيري خلال زيارته عدن وللشاعر عبدالمجيد الأصنج الذي يرمز إلى غانم في قصيدة له ألقاها في النادي ب ( يا أخا الاصلاح) ... و كانت القصيدة معارضة لقصيدة انتشرت كأغنية في عدن في وقت ما بعنوان ( قل لمن مل هوانا) كان أول من غناها الفنان إبراهيم محمد الماس المتوفى في الستينات من القرن العشرين. و هذه بعض أبيات القصيدة :-
سرى في الحسيني عطر الزهر
وغنت بلابله في السحر
وللماء قد سال بين الشجر
حفيف الصبا ورنين الوتر
متى دغدغته يد العازف
لقد هز شمسان لحن حسن
تغنى به طير وادي تبن
أعاد إلى الذهن ماضي عدن
ومجدا لها في قديم الزمن
عظيما يعز على الواصف
هوى للرعارع عندي مقيم
وما يحفظ الود إلا الكريم
ديار تضوع فيها النسيم
بفيض الشذى والغناء الرخيم
و طاف بباديه والعاكف
هنيئا للحج بفنانها
ب (أحمد) واضع ألحانها
حكيم العبادل سحبانها
و رائد نهضة فتيانها
هنيئا لها بالسنى الخاطف
و نذكر أن الرعارع  هو موضع في لحج
 
ـ القصيدة الخامسة :    
أما القصيدة الخامسة وهي آخر ما كتب غانم من شعر عن صديقه القمندان فكان عنوانها (دموع الأربعين) فهي مكتوبة لتلقى في ذكرى مرور 40 يوما على وفاة الشاعر الغريد القمندان عام 1943م، و لا ريب أنها أيضا نشرت في الملحق الذي خصصته صحيفة ( فتاة الجزيرة) والذي حوى ما ألقي في حفل التأبين للقمندان بما في ذلك كلمة مؤسس فتاة الجزيرة الأديب الكبير محمد علي لقمان المحامي ، والقصيدة تقدم بانوراما عن الصفات الخلقية للقمندان ، وتشير إلى أن خسارة الوطن أن لحج أو عدن أو الإنسانية وآدابها لا تعوض في رحيله ، وللأسف فإن غانم لم ينشر هذه القصيدة في أي من دواوينه لكن مقتطفات منها متاحة في عدد من الكتب عن القمندان ، وما ذلك إلا لشمولها وجزالتها ومنها :-
كنا نؤمل أن تعيش طويلاً لتحارب التدليس و التدجيلا
وتشق في عدن البلاد ولحجها للعاملين المخلصين سبيلا
وتجالس الرجل البسيط تواضعاً للعلم لا منا و لا تخويلا
عشت النبيل سليقة وطبيعة إن النبالة أن تعيش نبيلا
كم مجلس لك رائع ذقنا به منك البيان الساحر المعسولا
الحكمة الغراء في آياته لمعت برأيك صادقا مصقولا
الشاعر الغريد يحذو صامتا من بعد ما ملأ الفضاء هديلا
و البلبل الصداح عاد كأنما ما كان يهتف بكرة و أصيلا
و البدر يطلع في الحسيني كاسفا من ازمعت شمس الفنون أفولا
لهفي على الألحان بعدك ضيعت و غدا صداها في النفوس هزيلا
 
ملاحظات :-
عندما التقى الرجلان عام 1937م كان القمندان في مرحلة النضج و التأثير و كان غانم في مرحلة  أطروان الشباب و التأثر و قد حرص غانم على أن يستفيد معرفيا من القمندان لإيمانه بوحدة مصير لحج و عدن وجدانيا لذلك يقول :-
لقد هز شمسان لحن حسن
تغنى به طير وادي تبن
أعاد إلى الذهن ماضي عدن
ومجدا لها في قديم الزمن
 
لقد تجلى اعجاب غانم بالقمندان مثلا في ...... إذا كان القمندان يدعو إلى إبراز غناء ( الدان) في لحج فيقول : 
غني يا هادي نشيد أهل الوطن ....غني صوت الدان
نجد غانم في أغنيته (محلا السمر جنبك)  لمحمد سعد عبدالله يقول : 
يا اللي أنا حبك غني بصوت (الدان)
و يستحضر الجغرافيا العدنية فيقول ( يا بدر في شمسان) . 
      أكثر من ذلك نجد غانم يخاطب الفنان العربي فريد الأطرش عند زيارته لعدن في منتصف الخمسينيات فيحثه على أن يستلهم اللون الموسيقي العدني اذ يقول : 
غن فشمسان – باللحن نشوان- قد هزه (الدان) – في ليلة الفن- غن لنا غن
 
ذكر لي الشاعر محمد عبده غانم ملحة تحكي أنه ذات يوم في وجوده مع صديقه القمندان في لحج و هما على ظهر الخيل مرا بمجموعة من الدهماء تتنادى بأن أحد المجاذيب قد مات بعد قيامه بحركة من حركات المجاذيب الخطيرة ، فما كان إلا أن ابتسم القمندان و جلد الميت بالسوط ( ذيل الحمار) جلدة جعلته يكف عن التظاهر بالموت و يقف على قدميه ..... فضحك القمندان من الدهماء و قال ساخرا قلتم مات أليس كذلك ؟؟؟؟ . و نلاحظ أن غانم يفتتح مرثيته للقمندان بالقول : 
كنا نؤمل أن تعيش طويلا لتحارب التدليس و التدجيلا 
 

حول الموقع

البيت اليمني للموسيقى والفنون منظمة مجتمع مدني تُعنى بالموسيقى والفنون.