ـ كتب : الموسيقي / عبدالقادر أحمد قائد 
 
ولد الشيخ أحمد عبيد قعطبي بمدينة عدن من أسرة فقيرة وتلقى أصول الغناء من والده الحاج عبيد بلابل ، وكما روى الشاعر علي بن علي صبره للفنان الأستاذ محمد مرشد ناجي أن الحاج عبيد قد تعلم الغناء من الشيخ ظافر أحد مطربي صنعاء حيث استقر به المقام في قعطبة فترة ليست بالقصيرة هرباً من سوء أحـوال الغنـاء في شمال بلاد اليمـن قبل ذهابه إلى الحبشة ، فأخذ منه الحاج عبيد علي بلابل ما أخذ من أساليب الغناء اليمني ، وحفظ من القصائد ما حفظ .
وقد روى عبد الله عبيد قعطبي الذي كان رفيق شقيقه أحمد عبيد في الاحتراف الغنائي ضارباً على الدف للشاعر أحمد بومهدي : أن أخاه أحمد عبيد كان أمياً لم يفلح في تعلم القراءة والكتابة بسبب قسوة (الفقيه) رغم محاولات والده الكثيرة مع ابنه ومع (الفقيه) دون جدوى ، لكن الوالد كان قد لاحظ شدة ميول ولده للغناء واهتمامه الزائد به فقرر تعليمه العزف على العود ، وكانت سنه آنذاك قد جاوزت الثانية عشرة . وفي فترة قصيرة استطاع أن يسيطر على العود ويبرع في العزف عليه ، بعدها تمكن من حفظ بعض الألحان القديمة والقصائد، ويقول الشاعر أحمد بو مهدي إن بداية خروج أحمد عبيد قعطبي إلى الناس كان عازفاً على آلة العود للمطربين أحمد عوض الجراش وعوض عبدالله المسلمي .  
وجاء في كتاب المرشدي (الغناء اليمني القديم ومشاهيره) عن الشيخ أحمد عبيد قعطبي ما يلي : (عند ظهور المطرب أحمد عبيد قعطبي على المسرح الغنائي كمطرب محترف لفت انتباه الناس جميعاً ، وتقدم على أقرانه من معاصريه في حفلات الزواج ومجالس القات التي كانت المجال المتاح للقاء الفنان بمحبيه، حيث كان صوته جميلا ً وواضحاً وعزفه وأداؤه في منتهى الإتقان والإجادة ، ذلك أنه كان متأثراً بالشيخ صالح عبد الله العنتري أحد أساطيـن الطـرب في الأربعينيات ، وهو من القلائل الأكفاء (بتسكين الكاف وفتح الفاء) الذين يحفظون رقماً كبيراً من القصائد الشعرية إلى جانب إجادته التامة لكل ألحان التراث النغمي الشجي في اليمن وألحان الجزيرة العربية وبعض الألحان المصرية والهندية ، وكانت ريشته على أوتار العود ناعمة وحساسة وصوته عذباً وأداؤه متقناً ، ومثلما ترك بصماته على القعطبي فقد تأثر به آخرون أمثال : عبدالقادر بامخرمة وعلي عبدالله السمه وأيضاً الفنان عثمان علي من جيبوتي حيث لا يزال نفس (بفتح الفاء) العنتري وريشته وأداؤه واضحاً في هؤلاء المطربين الذين سبق ذكرهم . 
إن ما يميز القعطبي عن غيره أنه كان منظماً في إيقاعاته ملتزماً بها لوجود الانسجام التام بينه وبين شقيقيه عبدالله وعبدالكريم ـ كما جاء في سيرته الواردة في كتاب المرشدي ـ وكان صوته قوياً وأكثر صفاء وإلى جانب ذلك أكثر إجادة وتنظيماً من أسلافه كالعنتري ويوسف عبد الغني وحامد عوض القاضي ، وكذلك على معاصريه في الألحان الهندية حيث كان مواكباً لأغاني الأفلام الهندية الرائجة، التي كانت مكثفة في دور السينما وقتئذ وكان يقدمها للناس في حينها على قصائد عربية جميلة فتلقى رواجاً وإعجاباً من كافة الفئات في عدن، وكان الناس إذا سمعوا بوجوده في (مجلس قات) أو حفلة زواج هرعوا مبكرين ليكونوا على مقربة منه . وفي رواية من شقيقه عبد الله للشاعر أحمد بو مهدي (مجلة الفنون) أن الشاعر الأستاذ عبد المجيد الأصنج كتب قصيدة إعجاب بفن القعطبي وقدمها له في إحدى حفلات الزواج في مدينة الشيخ عثمان جاء فيها :
لقد سمعنا كما أردتم
وما ملكنا كما ملكتم
رفقاً بقلبي إذا قرعتم
لأن لي فيه لو علمتم
فهل سكرتم كما سكرنا
يا أبلغ المطربين لحنا
على الرخيم الذي ألفنا
وحياً يزيد الأديب ذهنا
ويعد القعطبي واحداً من المطربين الذين غطت شهرتهم الساحة اليمنية ، وأجزاء من الجزيرة العربية لإجادته الغناء اليمني القديم ، وقد سجل القعطبي لشركة اسطوانات (طه فون) وكان توزيع هذه التسجيلات خيالياً لكنه خرج منها (طُفَيْرِي وعليه اسم الله) ـــ أي خالي اليدين وعوضه على الله ـــ على رأي المثل الشعبي ، من الصفقة التي درت على صاحب الشركة أرباحاً طائلة ، كما ورد في سيرته عند المرشدي .
ومما جاء في سيرته أيضاً : أنه كان يتمتع بصفات غنائية وشهرة واسعة إضافة إلى وسامته وشبابه وأناقته،
وهو ما عرضه لإغراءات جرتـه إلـى مواقع كان يجب أن يحذر عاقبتها لكنه للأسف لم يحذر بل غـرق حتى النخــاع
وتعـرض بعـد ذلك لأمراض عديـدة أفقدتـــه
القدرة على مواصلة الغناء إلى أن ظهـرت الإذاعة في عــدن عام 1954م فسجل لها مجموعـة من الأغانـي سبق تسجيلها على
الاسطوانات وهو في حالـة مرضية، وفي هذه التسجيـلات يـلاحظ اهتزازاً في صـوته وعزفه، وبعدها اشتد عليه المرض وأقعده في منزله سنين طويلة إلى أن توفي شاباً في عام 1969م .
طــرَّب سـجـوعـه
شعر / عبد الرحمن بن بحيى الآنسي/ ت / 1250هـ/ 1834م
طرب سجوعه وكرر
لما رأى الليل أسحر
ومال بالغصن الاخضر
مِـدرِي ذكـر أو تذكّـر
بيــــــت
طير الغصون الرطيبــه
وشقق الصبح جيبه
فـوج الصبـا في هبيبـه
عهـــد اللقـا مــن حبيبـهْ
تـوشيــــح
فناح والنوح لائقْ
ومن طيــورالبواسـقْ
بكلّ عاشق مفارقْ
تعلمته الخلائــقْ
بـيـــــت
يا طير ما في الهوى خير
وما جرى فيه للغير
فإن تعتبرْ أنت يا طير
فقصّـر الحبـل و احـذر
ولا مع الحب راحه
واضح أتم الوضاحهْ
بالغير وتقبل نصاحه
بُعـد المدى مـن قريبه
تـوشيــــح
فمن تبصّرْ بروحه
بحكمــة الهنـــد ويحه
في الحبّ داوى جروحه
مـا هُـوْ بِبَكْيِـهْ ونــوحــه
1..جرت العادة عند المطربين القدامى أن تطلق كلمة شيخ قبل نطق اسم المطرب وهي لا تطلق على أسماء كل المطربين إذ إن هذا اللقب لا يعطى إلا للمطرب المجيد الممتاز لتأكيد مشيخته في الغناء والطرب
 
 

حول الموقع

البيت اليمني للموسيقى والفنون منظمة مجتمع مدني تُعنى بالموسيقى والفنون.