ـ كتب :أمين درهم 

ما زلت أتذكر الفنان أبوبكر سالم بلفقيه ورحلته الفنية الأسطورية التي ملئت الدنيا طرباً وإبداعاً، وعندما أخلو إلى نفسي أستمع لأغانيه القديمة الجديدة لا فرق بينها فهو فنان وشاعر وأستاذ لغة عربية وعاشق للكلمة ويهتم كثيرا بالألحان والجمل الموسيقية لجميع أعماله الغنائية،  ولا يقدم أغانيه إلا مع أكبر وأعرق الفرق الموسيقية في العالم..
 واليوم تصادف الذكرى الثانية لرحيله المحزن في 10/12/2017م.. 
أحببت أن أستعرض بعض من الذكريات معكم وومضات من قصته الفنية ومعرفتي به في عدن بالخمسينيات من القرن الماضي.
ولد الفنان أبوبكر بن سالم بن زين بن حسن آل فقيه في شهر أغسطس من عام 1938م في مدينه تريم الغناء أرض المساجد والفقه والخشوع في محافظة حضرموت شرق الجمهورية اليمنية . من أسرة مثقفة ومتدينة ومتصوفة حيث ترجع أصولهم إلى المهاجر أحمد بن عيسى. ولد يتيماً حيث توفى والده وهو لا يزال ابن ثمانية أشهر، وتربى في بيت جده الشيخ زين بن حسن تربية دينية بحتة وتلقى تعليمه الأول في تريم مسقط رأسه وكان متفوقاً في علوم الفقه والدين واللغة العربية والشعر وحفظ القرآن وهو ابن 13 سنة.
- متزوج وله 4 أولاد وابنتين ، ومنهم نجله الفنان المتألق أصيل أبوبكر، واصل بلفقيه تعليمه العام حتى حصل على دبلوم معهد إعداد المعلمين، وعمل في حقل التدريس بعدن مدرساً للغة العربية لمدة سنتين وبعدها تفرغ للفن .
بدأتْ علاقتي به في عام 1957م، حيث تعرفت عليه بواسطة السيد محمد زين الذي كان يرعى الفنانين الشباب آنذاك في عدن مثل أبوبكر سالم بالفقيه وغيره، تفاوضنا مع الفنان الشاب أبوبكر لتقديم حفلات غنائية على مسرح البادري، وكان شاباً يتمتع بأخلاق عالية وأدب جم من كلامه جعلني أقول هذا كلامه كيف غناؤه، وتبرع بأول أجر له للصندوق الخيري للمدرسة عندما علم بذلك، وكانتْ أول أغنية له «يا ورد محلى جمالك» التي اشتهرت كثيراً وغناها مراراً الفنان السعودي ذو الأصول اليمنية الفنان طلال مداح في أغلب حفلاته، وأغنية «كانت لنا أيام» و«خاف ربك» وغيرها.
الملاحظ بعد ظهور الفنان ابوبكر سالم بالفقيه على مسرح مدرسة البادري زاد عدد الحضور وامتلأت جميع المقاعد وظهر الجنس الناعم بكثافة مماجعلنا نعمل لهن حفلات اضافية خاصة بهن واستمر عطاؤه الفني مع زملائه آنذاك ابداعاً وتألقاً حتى 1960م حيث تركت عدن وانتقلت إلى مدينة تعز، وسافر ابوبكر سالم بلفقيه إلى بيروت في أواخر الخمسينيات واستقر بها وسجلت معظم أغانيه هناك والتقى بكبار الفنانين في بيروت المدينة التي كانت العاصمة الفنية للوطن العربي حيث كانت تجمع كبار فنانين الوطن العربي، وفي 1964م. استقر في السعودية وحصل على جنسيتها .
في عام 1982م زار الفنان ابوبكر سالم بالفقيه عدن وتعز وصنعاء بغرض ا لمشاركة في إحياء حفل زفاف ابنته بعدن ومن ثم قرر ان يزور مدينة تعز وعندما علم الاستاذ عبدالكريم عبدالاله بقدومه الى تعز اقام له حفل استقبال كبير يليق به حيث وكان من طقوس الاحتفاء بالفنان ابوبكر سالم هو تجهيز لقاء فني له مع الفنان ايوب طارش بجلسة مقيل خالدة حيث سجل لهما شريط فيديو رائع احتوى على جميع أغاني الجلسة الرائعة، ومن ثم بعد ذلك احب الفنان ابوبكر ان يزور صنعاء حيث تم اللقاء في منزل المرحوم يحيى احمد السنيدار وهناك تم اللقاء مع الفنانين احمد السنيدار وعلي الخضر وفؤاد الكبسي وسجل لهم شريط فيديو ليس له مثيل وقد حضرت هذه الجلسة الطربية الممتعة.
وكنت في جميع زياراته لصنعاء احرص ان التقي به ونقضي وقتاً جميلاً نستعيد فيه ذكريات عدن الجميلة، فمثل الفنان القدير ابوبكر لن يجود الزمان بمثله فناً وخلقاً.
حصل الفنان أبوبكر سالم خلال مسيرته الفنية على العديد من الأوسمة والجوائز ، منها: الكاسيت الذهبي من إحدى شركات التوزيع الألمانية، وجائزة منظمة "اليونسكو" للفن، ووسام الثقافة في العام 2003، وتذكار صنعاء عاصمة الثقافة العربية عام 2004، وقلده الرئيس اليمني علي عبدالله صالح، وسام الفنون من الدرجة الأولى عام 1989، ومنحته جامعة حضرموت درجة الدكتوراه الفخرية في العام ، ومن الإمارات العربية المتحدة حصل على وسام من الدرجة الأولى في الفنون والآداب وأهداه الشيخ زايد بن سلطان سيفا من الذهب الخالص. واخرها وسام الفنون من سلطنة عمان.
ستظل ذكرى رحيل صديقي الفنان ابوبكر حاضرة بنفسي رحمة الله عليه
 

حول الموقع

البيت اليمني للموسيقى والفنون منظمة مجتمع مدني تُعنى بالموسيقى والفنون.