ـ كتب : حلمي أمان

 

تهل علينا غدا السادس عشر من ديسمبر ذكرى وفاة الشاعر لطفي جعفر أمان ، وفي هذه المناسبة ننشر لكم إحدى ذكريات طفولته بقلم ابن أخيه الأستاذ حلمي أمان ..

تهل علينا بعد أيام قلائل الذكرى ال ٤٨ لرحيل شاعر الوطن الكبير عمي الحبيب الغالي" لطفي جعفر أمان" فخطر على بالي اليوم تذكر واقعة ظريفة حكاها لي والدي رحمة الله عليه ،استشف منها نبوغ لطفي المبكر وحبه للفن مذ أن كان شابا صغيرا ، فهو بجانب أنه عرف عنه أنه كان شاعرا وأديبا إلا أنه أيضا كان (رساما) بارعا وعازفا على آلة العود وكان ممثلا إذاعيا أيضا يتقمص عدة شخصيات في التمثيلية الواحدة،،رحمة الله، عليه،
ولأنه ووالدي كانا أصغر الأبناء في سلسلة الأسرة، فقد حظيا برعاية والديهما واخوتهما الكبار وكانا دائما تحت رقابة ونظر أهلهما ولا يسمح لهما أبدا باللعب بعيدا عن المنزل...
ومنذ الصغر كانت تظهر على العم لطفي علامات النبوغ المبكر واهتمامه بالقراءة و الرسم و بتشجيع من إخوته الكبار،،،
نعود للواقعة الظريفة التي هي موضوع منشوري اليوم، وهي تعود بالطبع لأيام طفولة لطفي حيث أنه كان في أحد الأيام يلعب أمام منزل الأسرة الكبير الكائن في (حافة القاضي) بكريتر عدن وكان لطفي وقتها صغيرا لم يبلغ الحلم بعد، وفي عصر أحد الأيام وبينما والده وبقية أشقائه مجتمعين في (المبرز) أو الديوان كما يطلق عليه الآن وهو مكان يجتمع به الرجال_ وعادة تطل نوافذه على الشارع_ وكان جدي رحمة الله عليه يستقبل به رواد مجلسه بشكل مستمر، كان لطفي يلعب أمامهم بالحارة، وقريبا من المنزل ، وكان يمارس هوايته المفضلة آنذاك وهي الرسم ،،،
وبينما الجميع منشغل بالحديث إذ أقبلت امرأة صومالية من جيراننا ووقفت أمام شباك المبرز تصيح بصوت عالي وبلكنة صومالية مكسرة وجميلة
(الله الله يا جعفر أمان، تعالي شوفي مصيبة ابنك سوا)وهنا هب الجميع ليروا ماهي هذه المصيبة اللي عملها ابنهم، وخرجوا جميعا وهي تصيح وتولول، وكان منزلها قريبا من منزل جدي فأخذتهم إلى الموقع الذي كان به لطفي لازال جالسا يمارس به هوايته المفضلة وقتئذ وهي الرسم بالطباشير....
_كان من عادة أهل عدن وبسبب حرارة الطقس أن معظم البيوت أمامها مراتب خشبية او (قعايد من الحبال) يخرج إليها أهل عدن في أوقات كثير للنوم أو للتبرد عليها_
في تلك اللحظة كان لطفي لازال منهمكا بالرسم فقد رسم بعضا من بيوت الحي والقعايد الحبال وفوق احداهم الحجة الصومالية صاحبة قصتنا اليوم..
هنا بدأت الحجة تأشر لجدي )شوف يا جعفر ابنك رسم نحنا راقدين وثياب حقنا مرفوعة وجسم حقنا يبان)
وقتها اطمأن جدي أن ابنه بخير وتبسم وطيب بخاطرها بعد أن قال لها وبصوته الجهوري ويديه الطويلتان فجعتينا الله يسامحك أحسب أيش من مصيبة حصلت لنا))
ولفت على لطفي وقال له ما حصلت حاجة ترسمها إلا هذي،،؟
ثم لفت إليها وقال لها "ولا يهمك أنا با أدبه وأنت الله يهديك كوني البسي سروال لما ترقدي بالشارع" وهنا ضج الجميع بالضحك بما فيهم جارتنا الطيبة وانفض الموقف بسلام،،وعاتب جدي ابنه معاتبة الأب المحب والمعجب أيضا بفنه، وبشقاوته البريئة...
رحم الله الفقيد لطفي وجدي وأبي وكل أعمامي وأسكنهم الجنة..
 

حول الموقع

البيت اليمني للموسيقى والفنون منظمة مجتمع مدني تُعنى بالموسيقى والفنون.