ـ كتب : أمين درهم 

 

الشاعر يحيى عوض شاعر متميز وجميل المعشر وصاحب ثقافة واسعة وذو أخلاق رفيعة.. كما هو معهود عند أبناء زبيد مدينة العلم والعلماء والثقافة..
حضرتُ يوم الخميس 28 نوفمبر 2019م فعالية حملتْ اسمه (أربعينية الوفاء لشاعر بحجم الوطن الشاعر/ يحيى عوض) 
كان على رأس الحضور الأستاذ الدكتور عبد العزيز بن حبتور رئيس مجلس الوزراء بحكومة الإنقاذ الوطني.. الرجل المثقف والسياسي المعتدل..
كما سعدتُ بحضور كوكبة من مثقفي تهامة الحبيبة وأبناء مدينة الحديدة الأعزاء التي سكنتُ فيها لسنوات وبدأتُ عملي التجاري بين أبنائها الذين يشعرونك بأنك أحد أبناء المحافظة، وتجد من قِبلهم كل الرعاية والاحترام.. وما زلتُ أحمل أجمل الذكريات عن محافظة الحديدة.
واليوم بحضور فعالية أربعينية الشاعر يحيى عوض استرجعتُ الكثير من الذكريات عن هذه المحافظة..
بداية معرفتي بالشاعر يحيى عوض كانتْ في مدينة عدن عام 1959م في مقر الجمعية اليمنية الكبرى.. حيث كان الشاعر يحيى يدَرِس في الجمعية اللغة العربية، وأيضاً الأستاذ قاسم غالب (1912ـ 1972) رائد ثورة المدارس كان أحد المدرسين في الجمعية ، وأنا كنتُ درست في مدرسة البادري الشهيرة بعدن، وهذه المدرسة كانت تدرس باللغة الإنجليزية كل موادها والقليل من اللغة العربية.. وعند زيارتي للجمعية اليمنية الكبرى كنتُ ألتقي بالشاعر يحيى عوض لتطوير مهاراتي في قواعد اللغة العربية ،وبعد سفري من عدن في الستينيات لم التقِ بالشاعر يحيى عوض مع الأسف كل منا ذهب لطريق آخر.. وعندما سمعت عن خبر فعالية أربعينية الشاعر يحيى عوض قررتُ الحضور لما كانت ذاكرتي تختزل المعلومات عنه في أواخر الخمسينيات في عدن.
والشاعر يحيى عوض لمن لا يعرفه هو: المولود عام 1942م من أسـرة علمية، وجذوره من أسرة الحداد - حضرموت.
كان من المعارضين لنظام الإمامة عندما كان في زبيد في الخمسينيات، حيث قال فيه:
فسادٌ على طول البلاد وعرضها 
وبغيٌ وظلمٌ صارخٌ وتجبرُ
لذلك سافر من الحديدة إلى عدن عام 1959م وأنضم لحركة الأحرار اليمنيين وأسـهم بدور بارز فيه، وفي عدن شارك بالتدريس في مدارس عديدة، وأهمها كلية بلقيس في الشيخ عثمان، وأيضا أسهم بتأسيس النادي التهامي اليمني، وعمل على نشر التعليم والثقافة فيه ، وحث الناس على مقارعة حكم بيت حميد الدين، والمطالبــة بمقاومته والدعوة للثورة للتخلص منه.. وأيد قيام الثورة والوحدة، واتجه لمكافحة الفساد عبر شعره مما عرضه للاعتقال السياسي من الأنظمة الحاكمة لما بعد الثورة السبتمبرية.. وقد أصدر ديواناً شعرياً أسماه " هو الحب "،عام 2013م بصنعاء.
ومن أشهر قصائده قصيدة ( أنا المعلم)، والتي ألقاها في 2441971م، وتعتبر تحفة فنية إبداعية فريدة بما فيها من صور سهلة وبليغة ، اختزل فيها مكانة العلم ، ودور المعلم في صناعة الحياة ، وهو يحمل رسالة العلم والتنوير ، ويقدم الجهد الكبير في سبيل ذلك ، ونستشهد بقوله في نفس القصيدة :
أيقظتُ على زندي الفجرا 
وحملتُ إلى الدنيا البشرى
وسفحتُ نُضَارةَ أيامي                                                                   
كي أزرعَ حقلا في الصحرا 
أحترق لأشعلَ مصباحاً 
يهدي في الظلمات الفكرا
كي أصقلَ عقلاً أو أهدي 
روحا كانتْ تبدو حيرى
    
  ولأن شاعرنا الكبير  يحيى عوض معلمٌ وله تجربة طويلة في المجال التعليمي فقد أبدع في وصف المعلم وفي تصوير دوره الكبير ، وصاغ هذا النص ،وهو من أهم النصوص التي كُتِبَت في المعلم ، وجسد دوره على أكمل وجه ، ومن أبرز أبيات قصيدة المعلم أيضا :  
فلأني كنتُ ليقظتهم 
                   رمزا ولموكبهم جسرا       
وسأمضي أكثرَ إصراراً 
                 لأداء رسالتي الكبرى  
 
وأخيرا قصيدته الشهيرة "الدين الإرادة" هذه القصيدة التي يصور فيها تناقضات من يجعلون من الدين مطية لأهوائهم ومصالحهم ، يقول مستهلا هذه القصيدة ومخاطبا من يتخذون الدين عكازة لأهوائهم : 
يا سادتي الكرامْ
يا مَنْ على عكازة الدين اتكأتم ألفَ عامْ
وفي يديه مارستم الآثام 
وضاجعتم على سريره محرمَ الحرامْ
أصواتكم تخشبتْ على مكبراتِ الصوتِ والمنابر .. 
لقد كان شاعرنا الأستاذ يحيى عوض صاحب رسالة سامية ، وثقافة واسعة ، يحمل هما وطنيا كبيرا ، كان لا يقبل التزييف والتضليل ، وكذلك المزايدة باسم الدين ، ويرى بأن الدين إرادة وعزيمة ، لا تسلطا ومظاهر عابرة ، وتناقضات ، وفي هذا الصدد يقول في نفس القصيدة : 
أقوالكم من جانب  وفعلكم في جانب 
وفكركم مطية يركبها لقهرنا الأجانب 
رحم الله الشاعر القدير الأستاذ يحيى عوض وأسكنه فسيح جناته.
 

 

حول الموقع

البيت اليمني للموسيقى والفنون منظمة مجتمع مدني تُعنى بالموسيقى والفنون.